تواجه العديد من النساء والفتيات في مختلف مناطق الجغرافيا السورية بما في ذلك شمال و شرقي سوريا تحديات هائلة نتيجة للعمالة الشاقة التي يتعرضن لها في ظل التدهور الإقتصادي الناجم عن هشاشة الاستقرار و التضخم الاقتصادي المتصاعد التي تشهدها المنطقة وما نتج عنها من قلة الوصول إلى الموارد المدرة للدخــل و توافر فرص العمل العادلــة و الكافيــة حيث تدفع الظروف المعيشية الصعبة، عدد كبيراً من النساء إلى العمل في بيئة قاسية، وأعمال لم يعتدن العمل بها سابقاً، وقد لا تلائم قدرتهن على التحمل، في سبيل إعالة أسرهن، وتأمين لقمة عيش كريمة لهن، بعد فقدان المعيل لشريحة واسعة من الأسر أثناء الحرب، أو لحاجة الأسرة إلى أكثر من معيل لتحسين وضعها المعيشي، إذ يصبح قرار العمل في هذه الظروف ضرورة وليست خياراً.
تشمل هذه الظاهرة التي باتت ملحوظــة مؤخراً وبشكل متزايد أنواعاً مختلفة من الأعمال التي تتسم بالصعوبة والخطورة من حيث العمل في ظروف غير صحية إذ تتعرض النساء والفتيات للعمل في بيئات ذات جودة رديئة، حيث يفتقرون إلى الرعاية الصحية إضافة إلى العمل لساعات طويلة حيث يتم إجبارهنًّ على العمل لساعات طويلة دون توفير فترات راحة كافية، مما يؤدي إلى إرهاق بدني ونفسي شديد ،ناهيك عن القيام بالأعمال الثقيلة و يشمل العمل في المزارع، و البناء والأنشطة الصناعية التي تتطلب جهداً بدنياً كبيراً، وغالباً ما تكون هذه الأعمال غير آمنة وتعزز من مخاطر الإصابة، يضاف إلى ذلك العمل بدون أجر عادل ، في كثير من الأحيان، لا يحصلن على أجر عادل أو حتى أجر كافٍ لتلبية احتياجاتهن الأساسية، مما يزيد من معاناتهن اليومية و قدرتهنًّ على تلبية الاحتياجات اليومية لأسرهنًّ يضاف إلى ما سبق ظواهر الاستغلال والإجبار حيث تتعرض بعض النساء والفتيات للاستغلال والإجبار على العمل في ظروف قاسية غير آمنة، مما يحرمهن من حقوقهن الأساسية ويجعلهنًّ عرضة للإستغلال الذي قد يتجاوز إلى ظواهر التحرش و أنماط الاستغلال الجنسي.
“تحارب المرأة السورية العاملة شبح الفقر والغلاء بانخراطها في بيئة عمل قاسية، وساعات طويلة، مقابل أجر زهيد، وقد تدفع حياتها أحياناً نتيجة عملها في مهن خطيرة وليست فقط شاقة”.
يترتب على هذه الظاهرة مجموعة من الآثار التي قد تتنوع على مختلف الأصعــدة
على الصعيد الاقتصادي فإن عدم الحصول على أجر عادل أو كافٍ يخلق حلقة مفرغة من الفقر المستمر. النساء والفتيات العاملات في ظروف شاقة لا يستطعن تحسين أوضاعهن الاقتصادية بسبب ضعف الأجور وعدم الاستقرار الوظيفي و هذا الواقع يحد من قدرتهن على تلبية احتياجاتهن الأساسية ويقلل من فرصهن في تحسين مستقبلهن الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإرهاق الجسدي والنفسي الناتج عن العمل في بيئات غير صحية يؤثر على إنتاجيتهن وكفاءتهن في العمل، مما قد يعيق قدرتهن على الوصول إلى وظائف أفضل أو اكتساب مهارات جديدة.
ومن الناحية الاجتماعية، تؤدي هذه الظروف القاسية إلى تعزيز الفجوة بين الجنسين وتعمق التفاوتات الاجتماعية. النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للاستغلال والتمييز في أماكن العمل يجدن أنفسهن مهمشات من المشاركة الفعالة في المجتمع. هذا التهميش يحد من فرصهن في المساهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وقد يؤدي إلى تفكك العلاقات الأسرية بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها هذه الظروف.
-أما من الناحية النفسية، فإن التأثيرات تكون شديدة ومؤثرة. العمل لساعات طويلة في ظروف غير إنسانية يسبب ضغطاً نفسياً هائلاً وإجهاداً جسدياً، مما يؤدي إلى مشكلات صحية عقلية مثل الاكتئاب والقلق. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم التقدير للأجور والجهود المبذولة يعزز من فقدان الثقة بالنفس، مما يؤثر سلباً على قدرة النساء والفتيات على تحقيق أهدافهن الشخصية والشعور بالرضا عن أنفسهن.
كما أن التعرض للإجبار والعنف في بيئات العمل يمكن أن يسبب اضطرابات نفسية طويلة الأمد مثل اضطرابات ما بعد الصدمة، ويؤدي إلى عزلة اجتماعية حيث تشعر النساء والفتيات بالانفصال عن المجتمع وعدم القدرة على التواصل الفعّال مع الآخرين.
في إطار مشروع “نساء مناصرات: من الحوار إلى القرار”، الذي تم تنفيذه بدعم من مركز دعم المجتمع المدني، نظمت منظمة أضواء للتنمية والبناء مجموعة من حلقات النقاش التفاعلية التي شهدت مشاركة واسعة من مختلف أطياف المجتمع، بما في ذلك القادة المجتمعيون والفاعلون من منظمات المجتمع المدني المحلية لتسليط الضوء على ظاهرة العمالة الشاقة للنساء والفتيات، حيث تم تبادل الآراء والخبرات حول الأبعاد المختلفة لهذه القضية.
من خلال النقاشات المستفيضة، تم جمع مجموعة من المدخلات والتوصيات التي تهدف إلى فهم أعمق للظاهرة وإيجاد حلول فعالة للحد منها.
التوصيات و نداء التحرك:
1- يجب على الفاعلين في المجال الإنساني تطوير و تصميم برامج وتدخلات تركز على التمكين الإقتصادي للنساء و دعم وصولهنًّ إلى موارد مدرة للدخل من خلال مشاريع تركز على تزوديهنًّ بالمهارات و الكفاءات التي تعزز حصولهنًّ على وظائف آمنة و توليد دخل مستدام يشمل ذلك تقديم تدريبات مهنية متخصصة ، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء و تدخلات التلمذة المهنية .
2- دعم تطوير وتطبيق تشريعات قانونية قوية لحماية حقوق النساء العاملات، بما في ذلك قوانين تمنع الاستغلال والعمل القسري.
يهدف هذا الدعم إلى تعزيز الأطر القانونية التي تحمي النساء في سوق العمل من جميع أشكال الانتهاكات، وضمان تطبيق صارم وفعال لهذه القوانين من قبل السلطات المعنية. كما يشمل ذلك تطوير آليات مراقبة وتفتيش دوري لضمان امتثال أرباب العمل للمعايير القانونية وحماية حقوق العاملات، إضافة إلى توفير قنوات واضحة وآمنة للإبلاغ عن أي انتهاكات وتقديم الشكاوى بشكل يضمن السرية والحماية للضحايا.
3- يجب على الفاعلين في المجتمع المدني وهياكل الحكم المحلية تعزيز مشاركة النساء في المجالس المجتمعية والهيئات المحلية لضمان تمثيلهن في اتخاذ القرارات المتعلقة بظروف العمل.
4- يجب على العاملين في القطاع التنموي من منظمات ومؤسسات إنسانية توفير خدمات الاستشارة النفسية والرعاية الصحية للنساء والفتيات اللواتي يعانين من تأثيرات سلبية للعمل الشاق مع تسهيل الوصول إلى خدمات الدعم القانونية لمساعدة النساء في التعامل مع حالات الاستغلال والإجبار.
5- تنظيم حملات توعوية لزيادة الوعي بحقوق النساء في أماكن العمل، مع التركيز على حقوقهن في بيئة عمل آمنة وخالية من التمييز والاستغلال. يمكن أن تشمل هذه الحملات توزيع مواد توعوية مثل الكتيبات والمطويات، بالإضافة إلى عقد ندوات وورش عمل توضح حقوق النساء والفتيات وكيفية المطالبة بها.
6- تعليم النساء كيفية الإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضن لها في بيئة العمل، بما في ذلك توفير معلومات عن الآليات القانونية والتقنية للإبلاغ عن مثل هذه الحالات، وكيفية الحصول على الدعم والمساعدة القانونية.
7- تقديم برامج تدريبية شاملة للعاملين وأرباب العمل حول حقوق العمال ومعايير العمل العادل. يجب أن تشمل هذه البرامج تعليم أصحاب العمل كيفية خلق بيئة عمل عادلة وآمنة، بينما تركز على تعليم العمال حقوقهم الأساسية في العمل، مثل الحق في الأجر العادل، وحق الحماية من التحرش والاستغلال، وحقوقهم في الحصول على إجازات ومزايا صحية.
8- مكافحة عمالة الأطفال بما في ذلك الفتيات من خلال تقديم برامج تعليمية و دعم سبل العيش للأسر المستضعفة لضمان استمرار الفتيات في التعليم وعدم اضطرارهن للانخراط في سوق العمل. يمكن أن تشمل هذه البرامج حلقات التعليم غير الرسمي، إعادة تأهيل البنى التحتية التعليمية بشكل خاص في المناطق الريفية لجعلها بيئة آمنة ومناسبة للفتيات، مع ضمان وجود مرافق صحية ملائمة وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي إضافة إلى تنفيذ حملات توعية شاملة في المجتمع تركز على أهمية تعليم الفتيات ودوره في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة والمجتمع. يمكن لهذه الحملات أن تتضمن قصص نجاح لفتيات استمررن في التعليم وحققن نجاحًا ملموسًا، مما يعزز القناعة بأهمية التعليم.
9- يجب على المانحين تعزيز التعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية لتنفيذ برامج موجهة لتمكين الفتيات ودعم تعليمهن، نظراً لفهم هذه المنظمات العميق لاحتياجات المجتمع وتحدياته ، يشمل تعزيز التمويل توفير منح تدعم سبل عيش الأسر الفقيرة لضمان استمرار الفتيات في التعليم، مما يساهم في تقليل معدلات عمالة الأطفال و معدلات الزواج المبكر للفتيات .
من خلال نداء التحرك هذا نحن المنظمات الموقعــة أدناه ندعو إلى التحرك العاجل لدعم وحماية حقوق النساء والفتيات في مناطق النزاع والمناطق التي تعاني من هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ندعو جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك هياكل الحكم المحلية والمنظمات الإنسانية الدولية وشبكات المجتمع المدني والمانحين الدوليين، إلى اتخاذ خطوات فعّالة وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ البرامج والسياسات التي تضمن بيئة عمل آمنة وعادلة، وتحقق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء العاملات ، مع التركيز بشكل خاص على مكافحة عمالة الأطفال وتعزيز التعليم للفتيات.
تؤكد المنظمات الموقعة أدناه على أهمية التعاون المشترك لتحقيق هذه الأهداف، ودعم تطوير التشريعات التي تحمي حقوق النساء العاملات وضمان تطبيقها بشكل فعال ومستدام.
اسماء المنظمات الموقعة على البيان
1- منصة مؤسسات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا
2- منظمة روج كار للإغاثة والتنمية
3- جمعية بكرا أحلى للإغاثة والتنمية
4- جمعية نوجين للتنمية المجتمعية
5- منظمة وايت هوب
6- منظمة وايت الانسانية
7- منظمة دوز
8- شبكة قائدات السلام
9- جمعية الياسمين
10- منظمة نواة
11- جمعية السنابل
12- مركز بذور التنموي
13- منظمة أنوار الغد
14- منظمة فريق الإنقاذ والإغاثة
15- مركز آسو للاستشارات والدراسات الاستراتيجية
16- منظمة أضواء للتنمية والبناء
17- منظمة يم للسلام والتنمية
18- منظمة تارا للتنمية
19- منظمة سلاف للأنشطة المدنية
20- جمعية الخابور
21- منظمة الفصول الأربعة
22- مؤسسة توتول للاغاثة والتنمية
23- فريق صنّاع المستقبل
24- منظمة رنك للتنمية
25- منظمة أرض السلام
26- منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المراة
27- منظمة دعاة المساءلة
28- منظمة جيان الانسانية
29- جمعية إعادة الأمل
30- بسمة امل الفرات
31- مركز الابحاث وحماية حقوق المرأة
32- منظمة هيڤي للإغاثة و التنمية
33- منظمة نودم للتأهيل و التنمية البشرية لذوي الإعاقة
34- مؤسسة جيان لحقوق الانسان
35- بيام للصحة النفسية .
36- RÊ للتأهيل و التنمية
37- منظمة السلام
38- منظمة آشنا للتنمية
39- مؤسسة نودم للإعلام والتنمية
40- منظمة الصليب السرياني للإغاثة والتنمية
41- Safe land
42- مركز دعم الاستقرار
43- مركز اشتي لبناء السلام
44- منظمة عشتار للتنمية
45- منظمة بادر للتنمية المجتمعية
46- مركز ميتان لأحياء المجتمع المدني
47- منظمة سلاف للأنشطة المدنية
48- منظمة السراج الانسانية
49- جمعية جدائل الخضراء البيئية
50- منظمة عُكاز
51- صناع الامل
52- منظمة أريج للتنمية الاجتماعية
53- منظمة روج افا
54- منظمة الهندسية للخدمات
55- منظمة طيف الإنسانية
56- مركز فرح لأطفال السرطان
57- منظمة سنابل الفرات
58- منظمة بزوغ للتنمية
59- شركاء من أجل السلام
60- مركز دعم الاستقرار
61- منظمة غاف للإغاثة والتنمية
62- جمعيه شاوشكا للمرأة
63- جمعية اللوتس
64- جمعية سفراء للأشخاص ذوي الاعاقة